في رحلتك الجميلة نحو الجمال، وعبر إصرارك الكبير على التمتع بالحياة الصحية، تخلقين المعجزة،
فإن كانت الحياة ستستمر إلى الأبد، وسنبقى في عمر الشباب ولا نشيخ، فإننا سنتعب ببساطة، فلا شيء يبقى يعمل إلى الأبد بلا تعب، ولاشيء يستمر في العطاء بلا كلل، نحن بحاجة ماسة إلى الموت، لأن ثمة بقاء على شكل مختلف في الجهة الأخرى من هذه الحياة، ثمة حياة بلا موت، ثمة حياة بلا شقاء، بعد نقطة تحول سريعة هي الموت، ننتقل إلى عالم جديد، ينتظرنا هناك في أبدع حلة،
نعود فيه إلى عمر الشباب ويصلح حالنا فيه، ولا نعاني المشقة، ولا نتكبد عناء العمل،
كلنا نحلم بحياة كهذه، وقد يجرك الحماس إلى اشتياق تلك اللحظة، لحظة التحول من كائن دنيوي فاني، إلى كائن طاهر مخلد،
إن إيمانك بهذه الحقيقة، واقتناعك بها، يسهل الكثير من أمور حياتك، ويهبك القناعة التي تبث أجمل تردد في كوننا الشائع، مما يعود عليك بأفضل الأحوال،
سبحان الله، الذي أبدع في خلقنا، وأبهرنا في صنع حواسنا، قدراتنا، وذواتنا،
نحن لسنا لعبة في يد الظروف، بل الظروف هي لعبتنا، إننا نصنعها، ونقهرها، ونسبقها إن أردنا، فحياتنا هي من صنع أنفسنا،
تصنعها مشاعرنا، وأفكارنا، في اللحظة والحين،
فقد خلقنا ربنا وأوكل لنا تلك المهمة،
ولهذا نحاسب عليها،
قال تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ *" [الحشر:18-20]."
أوكل لنا مهمة ما نصنعه بحياتنا،
ثم جعل في نهايتها حسابنا لنكافئ بإذن الله خير الجزاء.
والعمر مادة الحياة، تلك هي لحظات جميلة، عالية الجودة تمر بنا،
لا وقت أبدا إلى تجاهلها أو الغفلة عنها، إنها قليلة وجميلة علينا أن نستمتع بها حتى آخر لحظة،
تقول إحداهن: إن سافرت إلى بلد جميل، آخذ المنبهات طوال الوقت، لكي لا أنام لحظة واحدة وأستمتع بكل لحظة من لحظات سفري بتلك البلد.
إن إحساسك بأهمية وقيمة تلك التذكرة، التي أخذتك إلى بلد جميل، وإحساسك بقيمة تلك الإجازة التي سنحت لك بالتمتع بمباهج عالم جديد، إحساسك بقيمة كل هذا، وبأهميته وندرته هو الذي يبقيك واعية طوال الوقت لإدراك كل لحظة من لحظات تلك التجربة.
الحياة نادرة بالفعل
بإمكانك دائما السفر من جديد، إلى ذات البلد أو بلد أخرى، بإمكانك أن تجدي المال والوقت والظروف المناسبة في سنة لاحقة لتسافري من جديد،
السفر وإن كان فرصة نادرة لتلك الصديقة، إلا أن الحياة أكثر ندرة، فالحياة هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يعود، إنها الفرصة الوحيدة التي لا تعوض،
ومع أنها نادرة وسريعة وخاطفة، إلا أننا نغفل عن جلها، ولا نعرف أين تذهب سنوات عمرنا، وكيف تذهب، إنها فقط تذهب، في الوقت الذي نفكر فيه ماذا نفعل بكل هذا الوقت الطويل، وهذه الأيام الكثيرة، وتلك السنوات البطيئة، إننا نفكر غالبا، بأن الكثير من الوقت عليه أن يمضي سريعا، لأننا ننتظر نقطة ما في بطن يوما ما، قد تأتي أو لا تأتي،
الثروة الوحيدة التي لا نشعر بقيمتها إلا بعد زوالها، هي الحياة،
إن الحياة اختبار،
تلك مقولة وعيناها منذ زمن، والسيء أن اختبارات المدارس سميت بذات الاسم ( اختبار) فارتسمت في أذهاننا ذات الوقائع، فاختبار المدارس مهم، لكن ليس أهم من متعتنا الآنية، إن بإمكاننا تعويضة في وقت آخر’ يمكننا النجاح في الإمتحان القادم إن خسرنا هذا الإختبار،
واختبار الدنيا أمر لا رجعة فيه، ولا فرصة لإعادته،
الدنيا، كرة من الطين، عليك أن تتقني اللعب بها وتشكيلها وفق ما يسعدك ثم ينجيك، ثمة أمور وقواعد لتلك اللعبة، ثمة شروط لنجاحها،
كرة الطين، جميلة لدنة مطواعة، لكنها في أحيان أخرى، لزجة قد تلطخك وتفسد عليك متعة التجربة،
الحياة كرة من الطين، عليك أن تسرعي في تشكيلها قبل أن يمضي الوقت وتنشف، فإن نشفت، باتت قاسية، صعبة التشكيل، وبات ما فعلته بها آخر مرة هو الدائم، الباقي،
إنها خواتيم الأعمال، إذ يحشر المرء على ما قبضت عليه روحه
عليك أن تسرعي في تشكيل حياتك، عليك أن تصنعي ما ترغبين به أن يكون، عليك أن تشكلي حياتك اليوم وفق ما ترغبين،
أنت تستحقين الأفضل دائما،
شكليها اليوم وليس غدا،
فأنت لا تعرفين متى ستنشف الكرة،
لا أحد يعلم متى ستنشف وتصبح قاسية لا يمكن إعادة تشكيلها،
الموت يأتي فجأة، كما تنشف الكرة فجأة،
لا تعرفين متى ستهب الريح العاتية
أنت لا تضمنين بقاء الكرة لدنة دائما
شكليها اليوم بشكل يجعلك مطمئنة
ثم استمتعي بها.
ارسمي ملامح حياتك اليوم، ارسميها وعايشيها، ولا ترمي بها إلى الظروف
لا تقولي بأنك لا تملكين أدوات التشكيل الصحيحة،
لا تقولي ستشكلين اليوم نموذجا لا تحبينه لكنك ستعيشين وفقا له حتى يتغير حالك
اليوم ارسمي الصورة المثالية التي ترغبين بها، وعايشيها مهما كان الحال
اليوم وليس غدا
من مقالات أ. ناعمه بارك الله فيها .