بسم الله الرحمن الرحيم
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإني لفراقي لمحزون
غفر الله لكي يا سارة
كانت سارة إبنة الإثنان والعشرون ربيعاً تتميز بصفاتاً لطيفة وجميلة ليست كمثلها من البنات اللاتي في عمرها.
كعادة البنات جميعهن يحببن متابعة الموضات والموديلات وأخر الماركات ولكن سارة غير عنهن كانت تسعى لإرضاء والديها كانت تسعى لإرضاء والدتها التي تعاني من مرض السكري (شفاها الله) كانت لاتحب الغيبة ولا النميمة ولاتكثر من الخروج من منزل والدها , كانت توزع وقتها بين طاعة والديها وبين قراءة القرآن الكريم والأذكار رغم أنها كانت تعاني من الآم شديدة في بطنها ولكنها كانت صبورة جداً ولاتظهر ذلك خوفاً على صحة والدتها.
وقبل حوالي ستة أشهر ذُكر لنا عيادة باطنية في وسط مدينة الرياض ذهبنا لها وتمت معاينتها وصرف لها العلاج اللازم وأصبح وضعها الصحي جيد جداً وأنتهت معاناتها من الآلآم .
وفي يوم الأثنين الموافق (29/6/1430هـ) بعد صلاة الفجر أشتد ألم بطنها ولكنها ليست أعراض مرضها السابق فذهبنا بها إلى مستشفى الأمير سلمان بمدينة الرياض وقاموا بإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة وبعدها شُخصت حالتها المرضية بأنها إلتهاب زائدة ولابد من تنويمها في المستشفى وتم إستدعاء أخاها الكبير للتوقيع على عملية إستئصال الزائدة وحضر أخاها وقام بالتوقيع ولكن لم يتم أي إجراء طبي من فجر يوم الأثنين إلى صباح يوم الثلاثاء الساعة التاسعة صباحاً حضروا ثلاثة أطباء والكل منهم يقول (أنا من سيجري هذه العملية) لماذا؟
لأن فيها ميزة مالية أم أنهم يعتقدون أنها عملية بسيطة أم ماذا ؟
إنتظرنا لعدة ساعات ولم تخرج سارة من غرفة العمليات إلا الساعة الثالثة عصراً وكانت في حالة يرثى لها وقد وضعوا أنبوبين في فتحتي الأنف لإخراج الصديد والإفرازات حيث أنها لاتستطيع الكلام ولاتستطيع الأكل ولا الشرب.
كان طعامها عن طريق المغذي وكلامها عن طريق الإشارات!!!!
وعند مقابلة الأطباء قالوا بأنه تم إستئصال الزائدة وجزء بسيط من الأمعاء وأما بالنسبة للأنبوبين فكان لإخراج الصديد والإفرازات وسيستمر لمدة أربعة أو خمسة أيام ولكن المعمول به في المستشفيات الآخرى (أن العملية التي يخرج منها صديد لايتم إغلاقها ويتم إدخال الأنابيب عن طريق فتحة العملية لحين توقف الصديد) ولكن كنا نجهل هذا الشي.
كان وضعها حرج جداً الضغط منخفض والحرارة مرتفعة كنا ننادي الأطباء والممرضات في كل لحظة وكان الرد ببساطة (هذا من قلة الأكل المشي)!
كيف وحراراتها مرتفعة والضغط منخض جداً ؟ كيف تريدونها أن تمشي وهي بهذه الحالة ولكن لا أحد يبالي.
وبعد أربعة أيام قاموا بنزع تلك الأنابيب ولم يتم عمل أي إشاعات ولاتحاليل ولم يتم التأكد هل توقف الصديد؟ هل يوجد إفرازات أم لا؟
ففي كل مرة أزورها يتقطع قلبي وأنا أرى حالها فهذا هو وضعها تصارع الآلآم , وفي يوم الأثنين الموافق (6/7/1430هـ) الساعة الثانية ظهراً حضر الطبيب المشرف على حالتها وأفاد بأن ضغطها منخفض جداً وحرارتها مرتفعة جداً وأمر الممرضات بمتابعة حالتها جيداً ولكن الممرضات لايبالن بالحالة مع العلم أنهن ممرضات عربيات (سعودية , مصرية).
فلم يحضر أحد يتابع هذه الحالة إلا بعد ما استفرغت الساعة الثانية عشر ليلاً حضرت الممرضة وياليتها لم تحضر حضرت وهي مستفزة للوضع وتتلفظ بكلمات بذيئة (هذا دلع بنات , كبيرة وتستفرغ , أنا ماني فاضية) هل هذا لأنهم أشغلوها عن متابعة تلفاز أم عن مكالمة هاتف الله أعلم!
ذهبت الممرضة وأحضرت قياس الضغط وقاسته ووجدته منخفض جداً وعرفت بهذا الشي المرافقة للمريضة فسألت بتخوف : (الضغط منخفض!!!!) ردت الممرضة لا الجهاز عطلان وسأحضر جهازاً أخر (فهل يعقل أن مستشفى حكومي كبير وأجهزته الطبية عطلانة وتستخدم للمرضى) وليتها رجعت للقياس مرة أخرى أو قامت بإستدعاء أحد الأطباء بل ذهبت ولم تعد.
وفي الساعة الثالثة من فجر يوم الثلاثاء الموافق (7/7/1430هـ) أُغمي على سارة وسقطت عند دخولها لدورة المياه وحضروا الأطباء وقاموا بعمل إشاعات وتحاليل ولكن بعد ماذا ؟ (حسبي الله ونعم الوكيل).
الكل من الأطباء كان يتهرب من المسئولية ويرمي اللوم على الآخر.
بعدها قاموا بإسعافها إلى العناية المركزة وكانت تقول (غطوا وجهي لا أريد أحداً أن يراني) كانت تبحث عن الستر حتى وهي في سكرات الموت.
وبعدما وصلوا للعناية فاضت روحها إلى بارئها رحمها الله رحمة واسعة.
كانت الفاجعة عندما سمعنا بالخبر فالحزن عم على الجميع.
ذهبت لإستلام الجنازة وكانت رائحة المسك تعم أروقة المستشفى وكنت والله العظيم أتبع الرائحة لحين وجدتهم ذاهبين بها إلى ثلاجة الموتى.
أستلمت الجنازة وذهبنا بها إلى جامع الراجحي وهناك وجدنا فاعلات الخير قامن بغسيلها وتكفينها وصلينا عليها صلاة الظهر يوم الثلاثاء الموافق (7/7/1430هـ) .
لم أجد أيسر ولا أريح من جنازتها ونحن ندفنها , لم نلاحظ أي تعب كانت جنازتها ميسرة وغير متعبة رغم كثرة الناس الذين تبعوا الجنازة.
رحمكي الله ياسارة رحمتاً واسعة لن ننساك ولن نستطيع ذلك ولكن لانقول إلا :
(اللهم أرحم سارة وأغفر لها وعافها وأعف عنها وأغسلها اللهم بالماء والثلج والبرد , اللهم نقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم أفتح لها أبواب رحمتك وأسكنها فسيح جناتك وأبدلها بداراً خيراً من دارها وأهلاً خيراً من أهلها , اللهم وسع مدخلها وأكفها شر عذاب القبر وعذاب النار).
هذه حال مستشفياتنا (مجزرة وليست مستشفيات) الداخل مفقود والخارج مولود هذا مانعايشه في هذا الوقت في مستشفياتنا هل هذا لعدم وجود الجزاءات الرادعة ؟ أم لأننا شعب طيب يعفو ويسامح ؟ ولكن من يعوضنا عن فقيدنا الغالي حسبي الله ونعم الوكيل.
أعلم أن يومها قد وقف ولا أعترض على قضاء الله ولكن الإهمال الطبي والأخطاء واردة لامحالة.
فرحمكي الله ياأختي سارة رحمتاً واسعة فالمبطون شهيد وأنتي إن شاء الله شهيدة ....!!